تابعنا على مواقع التواصل

محرك البحث

Loading

تعديل

لص فقيه

 قال أحمد بن المعدل: كنت جالساً عندعبد الملك بن عبد العزيز الماجشون، فجاءه بعضٌ جلسائه، فقال: أعجوبةٌ {قال: ما هي؟ قال: خرجت إلى حائطي بالغابة، فلمّا أصحرت وبعدت عن البيوت، تعرّض لي رجلٌ، فقال: اخلع ثيابك} قلت: وما يدعوني إلى خلع ثيابي؟ قال: أنا أولى بها منك، قلت: ومن أين؟ قال: لأني أخوك وأنا عريانٌ وأنت مكتسٍ؛ قلت: فالمواساة {قال: كلا، قد لبستها برهةٌ، وأنّا أريد أن ألبسها كما لبستها؛ قلت: فتعريني وتبدي عورتي؟ قال: لا بأس بذلك، فقد روّينا عن مالك أنّه قال: لا بأس للرّجل أن يغتسل عرياناً؛ قلت: فيلقاني الناس فيرون عورتي؟} قال: لو كان الناس يرونك في هذه الطريق ما عرضت لك فيها؛ فقلت: إني أراك ظريفاً، فدعني حتى أمضي إلى حائطي وأنزع هذه الثياب، وأوجه بها إليك؛ قال: كلا، أردت أن توجه إلى أربعةً من عبيدك، فيحملوني إلى السلطان، فيحبسني، ويمزق جلدي، ويطرح في رجلي القيد؛ قلت: كلا، أحلف لك أيماناً أني أفي لك بما وعدتك ولا أسؤوك {قال: كلا} إنّا روّينا عن مالك أنّه قال: لا تلزم الأيمان التي يحلف بها للصوص؛ قلت: فأحلف لك إنّي لا أحتال في أيماني هذه؛ قال: هذه يمين مركبةٌ على أيمان اللصوص؛ قلت: فدع المناظرة بيننا، فوالله لأوجّهن إليك هذه الثياب طيبةٌ بها نفسي؛ فأطرق، ثم رفع رأسه، وقال: تدري فيم فكرت؟ قلت: لا؛ قال: تصفحت أمر اللصوص من عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وإلى وقتنا هذا فلم أجد لصاً أخذ نسيئةٌ، وأكره أن أبتدع في الإسلام بدعةً يكون عليّ وزرها ووزر من عمل بها بعدي إلى يوم القيامة، اخلع ثيابك؛ فخلعتها ودفعتها إليه.

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More